الدكتور الحبيب ناصري: السينما أولا…السينما أخيرا… 

الدكتور الحبيب ناصري: السينما أولا…السينما أخيرا… 

 

اقلام واراء

 

تأكد وبالملموس، أن زمن كورونا قد أوقف العديد من المكتسبات الثقافية التي راكمتها الإنسانية. السينما من ضمن هذه المكتسبات الثقافية التي من الصعب لدول العالم أن تعيش دونها . في بلدنا العزيز، هناك اهتمام  متعدد الدرجات ومتنوع بالسينما من لدن العديد من المكونات العمرية والجامعية والجمعوية والرسمية  والإعلامية ، الخ.

 زمنان لدينا الآن،  ومن خلالهما من الممكن الحكم واختيار موقف معين لمن شاء طبعًا. قبل كورونا كانت هناك مجموعة من المهرجانات السينمائية تنظم في العديد من المناطق المغربية، وكان العديد من الشركات الأجنبية المتخصصة، تفضل المغرب، كوجهة للتصوير.

 وكانت أنشطة عديدة تتحرك على هامش هذه المهرجانات وتصوير الأفلام الأجنبية، وغيرها . أفلام عديدة كانت تصور في مدن مغربية عديدة. برامج إذاعية وتلفزية  وإلكترونية وتغطيات عديدة، كانت تنجز وتتابع ما يجري في الحقل السينمائي المغربي .

سفريات عديدة كانت تساهم في ترويج صورة المغرب خارج المغرب .نقاد ومخرجون ومنتجون وممثلون وباحثون جامعيون وإعلاميون، الخ، كانوا يسافرون ويمثلون بلدهم في لجن التحكيم  والندوات والتكريمات، الخ. اتضح بالملموس أن نشاطًا ثقافيًا مفيدًا للبلاد والعباد قد توقف!

طبعًا أحترم جميع الآراء ، إذ هناك من سيرد ويقول ماذا أعطتنا السينما أو الفن ككل ؟. لكن وجهة نظري وكمجرب وحاضر في الميدان منذ عشرات السنين، أقول ،  إن الإنسان لا يمكن أن يعيش بالخبز وللخبز وفي الخبز وحده. الإنسان كائن متعدد التكوينات النفسية والمادية والروحية وغيرها.

شخصيا لو أتيحت لي فرصة المرافعة أمام حكومة أو لجنة برلمانية أو أي جهة رسمية لدافعت عن ضرورة الاهتمام بالثقافة والفن  بشكل عام والسينما بشكل خاص. هناك بعض الكائنات الخفية بيننا تحرم كل شيء لكي يسهل السيطرة على العقول والتحكم فيها والمتاجرة بها وفيها  وتسطيح ذكاء الناس والتلاعب بكل حواسهم. السينما، فن والفن ثقافة، والثقافة حاجة وضرورة لاسيما لأوطاننا التي تبحث عن مكانة في هذا العالم.

 كل دول العالم تدعم ثقافتها وتشجعها على الإنتاج والترويج ، الخ. قد يرد علي صديق عزيز غير محب للسينما والثقافة ككل ويقول أريد الخبز أولا. أهمس في  أذنيه ، قائلا ،إن السينما خبز أيضا !.

خبز لذيذ لو اكتويت به وتذوقت طعمه لبعت كسرة الخبز التي بين يديك،  وشاهدت فيلمًا جميلا قد يدعو إلى تحرير عقلك وروحك وباطنك،  وقد يساهم هذا في توفير الخبز لك بطريقة ما، بل من  خلال ما تطرحه السينما والفن ككل من أسئلة عديدة مفيدة لك ولزمنك الآتي، وهو ما يمكن أن يكون مفيدًا للجميع. حكوماتنا الموقرة، وفي كل أنحاء العالم، وفي إطار  رؤية تشاركية بين الجميع،  مطالبة، طبعا، أن توفر لنا، نحن ساكنة هدا الكون، الخبز والسينما والعلم والماء والمدرسة والصحة، الخ.

 السينما، بها، نستمتع بالحياة.  وفي هذه الحياة نستمتع بالسينما وبأشياء أخرى كثيرة. من يكره السينما والفن والثقافة، قد يدفع بنا إلى بداية التحجر … الى ماقبل بداية الحضارة . هو زمن شرح لنا مدرس التاريخ بعض خصوصياته المتعددة. في ظل الأزمات الحالية التي أنتجها فيروس كورونا،  يبدو للجميع مدى حاجتنا للثقافة /الإنسان !. الاستثمار في السينما والفن والثقافة هو استثمار في الإنسان وللإنسان وبالإنسان …

 لو أتيحت لي فرصة أن أقابل من يقرر في شأننا المدرسي لطلبت منه أن يدرج مادة الفن  كمادة اجبارية في كل مسالك الدراسة وفي كل مراحلها وتخصصاتها وتكويناتها. اليد التي تعزف الكمان لن تكسر كرسيًا في الملعب، ولن تحطم حافلة عمومية. العين العاشقة للصورة لن ترى في محيطها إلا ما  فيه من جمال ولن تعتدي على أحد !. الفن حاجة كالخبز تماما وأكثر..

د. الحبيب ناصري

المغرب

 

Related posts