مغرب الجهات” .. وثائقي يُنطق جهة الدار البيضاء سطات بالصوت والصورة

ادارة التحرير2 أغسطس 2025آخر تحديث :
مغرب الجهات” .. وثائقي يُنطق جهة الدار البيضاء سطات بالصوت والصورة

جبير مجاهد:
مغرب الجهات: وثائقي مغربي يسعى إلى التعريف بالجهات الاثني عشر، وإبراز مؤهلاتها وتحديد خصوصياتها، عبر سلسلة من الحلقات، التي تختص كلا منها في التعريف بجهة معينة، عبر عدسة تحليلية تراعي الجانب التنموي الذي تشهده هذه الجهات، وإبراز البعد الهوياتي الذي يطبعها.
يسلط هذا الوثائقي في حلقته الأولى، الضوء على جهة الدار البيضاء – سطات، باعتبارها أكبر قطب اقتصادي، وأنشط مركز مالي وأكبر تجمع ديموغرافي، فهو لم يكتفي بالعرض الشكلي والسطحي لخصوصيات الجهة، بل توقف بالصور والتحليل عند إبراز بنيتها التحتية المتنوعة، وتحولاتها العمرانية المستمرة، ومواكبتها للورش الكبير الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل الارتقاء بالحكامة الترابية عبر فتح ورش إصلاح أساسي بإقامة جهوية متقدمة، تمتل نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية.
فمغرب الجهات، وثائقي يسلط الضوء على الجوانب المضيئة لهذه الجهة، التي تنبض بالحياة، والحيوية والأمل التي تحملها في طياتها وعلى الدينامية التي تميزها عن غيرها. وثائقي يأخذنا إلى ما هو أعمق من الصور النمطية، ليكشف وجها آخر لجهة الدار البيضاء سطات، مركب بشري ضخم، مؤهلات اقتصادية تنافسية، مسار تاريخي عريق، إدارات عمومية مواكبة للتطور المجتمعي، ميناء بحري ضخم يرمز لحركية اقتصادية لا تهدأ .. كل ذلك بوأها مكانة ريادية على المستوى الوطني، ومرتبة متميزة على المستوى الدولي، فهي التي تضم خمس سكان المغرب، وتستحوذ على 30 في المائة من الناتج الوطني الخام، ما جعل منها سندا صناعيا ينبض بالحيوية، ويجمع كل أنواع الصناعات من صناعة الصلب والنسيج والصناعات الكيماوية والتحويلية والصناعات الغذائية، كما جعل منها أحد الأقطاب الفلاحية بالمغرب، وإحدى الوجهات السياحية الوطنية والدولية، كل ذلك عرضه الوثائقي من خلال شهادات مسؤولين وخبراء، منحته مصداقية وثراء في الطرح.
من خلال تتبع هذا الوثائقي يتضح أن هذه الجهة تشهد تطورا متسارعا، من مشاريع البنية التحتية (مثل الطرامواي، مشروع القطار فائق السرعة، الميناء الجديد)، وتطور صناعي متنامي، ما يعكس روح التحول الذي يميزها.
وثائقي في خدمة الوعي المجالي
يشكل هذا الوثائقي مساهمة محورية في إبراز المسار التنموي للجهة، حيث يوفر إطارا بصريا وإعلاميا غنيا، يمكن من تسليط الضوء على الدينامية الجهوية انطلاقا من معطيات واقعية ومضبوطة، من خلال اعتماده على بيانات دقيقة حول المشاريع المنجزة بالجهة، فهو يقدم مادة توثيقية ذات قيمة مضافة، تسهم في تشكيل صورة شاملة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الجهة.
ولا تقتصر قيمة الوثائقي على التوثيق الإخباري، بل تمتد لتشمل بعدا تواصليا واضحا، إذ يفتح المجال أمام شهادات لبعض الفاعلين المحليين حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي للجهة ومدى مواكبتها للتنمية التي تشهدها البلاد، هذا التعدد والتنوع في الأصوات أضفى على العمل طابعا تشاركيا يبتعد عن الخطاب الأحادي، ويقرب المضامين التنموية من الجمهور العام، ليتحول الوثائقي إلى وسيلة حيوية لنقل الواقع التنموي من الإطار الرسمي إلى المجال العمومي، محفزا النقاش، ورافعا من منسوب الوعي الجماعي بقضايا التنمية الجهوية.
دقة توثيقية وصدق إنساني
وظف هذا الوثائقي أسلوبا بصريا هادئا يبتعد عن الإيقاع المتسارع، مرتكزا على لقطات بانورامية عالية الجودة، تُبرز امتداد الجهة في أفقها المجالي، وتظهر تنوع تضاريسها وتوزيعها العمراني بطريقة مدروسة بصريا. وتتسم بقدرتها على التقاط التفاصيل المعمارية والجغرافية دون افتعال أو زيف، مما يمنح المتلقي مساحة للتأمل والانخراط البصري في فضاء الوثائقي.
يدار الانتقال بين المشاهد بمهارة سردية واضحة، حيث يتم القطع والمونتاج بانسيابية تراعي الإيقاع الداخلي للمشهد وسياقه الدرامي، مدعومة بتعليق صوتي باللغة العربية الفصيحة، يتسم بلغة توازن بدقة بين البعد التقريري والبعد التحليلي. لا ينزلق السرد إلى المباشرة أو التلقين، بل يمنح النص مساحة للتماهي مع الصورة، ليصنع معا إيقاعا سرديا متزنا يراعي ذكاء المتلقي ووعيه.
ما يحسب للوثائقي، من منظور تركيبي، هو اعتماده على المعلومات والإحصائيات، التي قدمها بوصفها جزءا من النسيج السردي لا كعناصر منفصلة أو مقحمة. فالمعلومة هنا لا تثقل الإيقاع، بل تسهم في تعميق الرؤية وتوسيع أفق الفهم. هذا الاتزان في تقديم المحتوى المعرفي يعكس وعيا كبيرا بأهمية السينما كآلية لايصال المعلومة والتسلل إلى ذهن المتلقي.

 


كما شكل توظيف الشهادات الحية عنصرا أساسيا في بناء البعد الإنساني للفيلم، إذ تقدم بصوت أصحابها لا كمجرد إضافات توثيقية، بل كحضور فاعل يمدّ الفيلم بصدقه العاطفي وعمقه الواقعي. تُسهم هذه الشهادات في خلق حالة من التواطؤ الوجداني بين المتفرج والمُتحدّث، ما يمنح الفيلم قوة تأثرية مضاعفة، ويُحوّله من منتج بصري إلى تجربة معيشة تتقاطع مع الذاكرة الفردية والجماعية في آن واحد.

خلاصة القول فالحلقة الأولى من وثائقي “مغرب الجهات”، تقدم للمشاهدين نظرة مركزية شاملة على جهة الدار البيضاء–سطات، من العمق الاقتصادي والسكاني، إلى التحولات التنموية، وثائقي يفتح آفاقًا لفهم الموقع البارز لهذه الجهة في مسار التنمية الشاملة للمغرب، ليبقى محاولة جادة لفهم إحدى أكثر الجهات دينامية وتعقيدًا في المغرب، وإدراك مدى التطور المتساارع الذي تشهده.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة