المكتب المغربي لحقوق المؤلف يصحح المغالطات… الحقوق ليست غرامات بل مستحقات قانونية

ادارة التحريرمنذ دقيقتانآخر تحديث :
المكتب المغربي لحقوق المؤلف يصحح المغالطات… الحقوق ليست غرامات بل مستحقات قانونية

أثارت حملة منشورات متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية نقاشاً حول دور المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، بلغت حد تقديم معطيات غير دقيقة بشأن طبيعة استخلاص حقوق المؤلفين وكيفية ممارستها. وهو ما أعاد إلى الواجهة السؤال الأعمق: كيف نفهم الإطار القانوني المنظّم للملكية الفكرية في المغرب؟

 

ينص القانون رقم 25.19 بوضوح على أن المكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة مؤسسة عمومية للتدبير الجماعي، خاضعة للقانون العام، أوكلت إليها الدولة حصريا حماية واستغلال حقوق المؤلفين والفنانين.

وبذلك، فالمكتب ليس جهازا مالياً أو مصلحة جبايات، وإنما ذراعاً تنظيمية لحماية الملكية الفكرية، استناداً إلى مقتضيات القانون 2.00 المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة .

 

وفق الجريدة الرسمية عدد 6247 (14 أبريل 2014)، توجد لائحة محددة للقطاعات الملزمة بالأداء مقابل استعمال المصنفات المحمية: المقاهي، المطاعم، الفنادق، النوادي الرياضية، قاعات السينما، المتاجر الكبرى، المركبات السياحية، المهرجانات وغيرها.

 

كل بث أو موسيقى أو عرض فني أمام الجمهور يخلق حقاً مالياً لصاحبه، وهذا الحق يمارس عبر المكتب باعتباره المخوّل بإصدار تراخيص الاستغلال أو رفضها، كما تنص المادة 10 من القانون 2.00 

 

يضم المكتب أعواناً منتدبين من سلطة الوصاية ومحلفين قانونياً، بغرض معاينة المخالفات المرتبطة باستعمال المصنفات دون ترخيص، مع إمكانية تحرير محاضر وحجز الوسائل المستعملة في الاستغلال غير المشروع.

هذه الصلاحيات ليست شاذة عن السياق الدولي، إذ تعتمدها أغلب هيئات حقوق المؤلف عبر العالم لحماية مصالح المبدعين وضمان شفافية الصناعة الثقافية .

 

من الجوانب التي يغيب عنها النقاش العام أن استخلاص الحقوق كان معمولا به منذ 1943 عبر المكتب الإفريقي لحقوق المؤلفين، ثم المكتب المغربي لحقوق المؤلفين سنة 1965، قبل أن يتطور إطار تنظيمه بموجب قانون 25.19.

فالأمر إذن ليس توجها جديداً ولا إجراءاً مفاجئاً، بل منظومة مؤسساتية راسخة ترسّخت تاريخياً مع انضمام المغرب لاتفاقيات دولية حول حقوق المؤلف .

 

يؤكد المكتب أنه يلجأ للقضاء فقط حين تفشل الحلول الودية، خصوصاً مع المؤسسات التي تمتنع عن طلب الترخيص أو أداء المستحقات. وغالباً ما تصدر الأحكام لفائدة المكتب، انسجاماً مع النص القانوني الذي يمنحه حق التقاضي للدفاع عن مصالح المبدعين .

 

من العناصر الجوهرية أيضاً أن حقوق المؤلف ممتدة زمنياً طيلة حياة صاحبه، ثم 70 سنة بعد الوفاة يستفيد منها الورثة، وبعدها تدخل الأعمال الملك العام مع استمرار المكتب في استخلاص الحقوق باسم هذا النظام القانوني

هذا الامتداد الزمني يعكس فلسفة حماية الإبداع بوصفه إنتاجاً ثقافياً واقتصادياً ذا قيمة مستدامة .

 

وراء الجدل المفتعل بشأن المكتب المغربي لحقوق المؤلف سؤال أكبر يتعلق بضعف الوعي العام بالملكية الفكرية. فالثقافة السائدة ما تزال تتعامل مع الإبداع باعتباره شيئاً “مشاعاً”، بينما تؤكد النصوص القانونية أن استعماله دون مقابل يعد مساساً بحق أصيل لصاحبه.

 

لذلك، فإن التحدي الحقيقي لا يختزل في التنصيص القانوني، بل في بناء ثقافة احترام الحق الأدبي والمالي للمبدعين، وتسهيل آليات الترخيص، وضمان شفافية أكبر في التوزيع، بما يجعل الصناعة الثقافية مجالاً عادلاً ومنظماً.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة