اقتربت لحظة الحقيقة في “بطولة الجماهير”، البرنامج الذي قلب موازين الفرجة الكروية في المغرب، وجعل من الجمهور بطلًا حقيقيًا، لا فقط في المدرجات، بل في الشاشات وقلوب المتابعين. في لحظة تاريخية من المشهد الإعلامي الرياضي، تقترب أربعة جماهير من المربع الذهبي، محمّلة بطموح الفوز، ولكن أيضًا برغبة أعمق: أن يُسمَع صوتها، أن يُعترف بدورها، وأن تُحتفى بثقافتها.
- الجمهور: من متفرج إلى صانع مشهد
ما يميز “بطولة الجماهير” أنها ليست مجرد تنافس على عدد الأصوات أو جودة “التيفو”، بل تجربة غير مسبوقة أعادت التوازن بين الفريق وجمهوره. لطالما كان الجمهور “اللاعب رقم 12”، لكن هذه البطولة نقلته إلى مستوى جديد: فاعل ثقافي، ومؤثر إعلامي، وصاحب رأي يُحسب له حساب.
في هذه المسابقة، لا تُقاس الجماهير بالأهازيج فقط، بل بالإبداع، بالرسائل، بالتفاعل، وبالقدرة على توظيف كل وسائط التعبير لتجسيد الهوية والانتماء.
- مواجهات نصف النهائي: جمهور ينافس جمهور
مع الوصول إلى المربع الذهبي، تصبح كل مواجهة اختبارًا عميقًا للهوية الجماهيرية:
- هل الانتماء يكفي؟
- هل الصوت الرقمي يعوّض غياب الحضور في المدرجات؟
- وهل يمكن للجمهور أن يحافظ على قوته وصدقه في ظل المنافسة المفتوحة؟
الجماهير المتأهلة لم تصل مصادفة. وصلت لأنها أقنعت، أثّرت، وحرّكت النقاش العام. من جمهور الرجاء، صاحب الزخم الفني الكبير، إلى جمهور الجيش الملكي، المعروف بانضباطه الجماعي؛ من جمهور الوداد، بانتشاره الواسع، إلى جمهور اتحاد طنجة، بعفويته وخصوصيته الشمالية؛ من الكوكب المراكشي بتقاليده العريقة، إلى شباب المسيرة بقوة تمثيله للجنوب؛ ومن حسنية أكادير بإبداعه الفني، إلى مولودية وجدة بحضوره التاريخي المتجذر… كل جمهور يحمل حكاية، وكل حكاية تستحق أن تُروى.
- منصة للإبداع الجماعي
لقد شكّلت “بطولة الجماهير” فرصة نادرة لترجمة العشق الكروي إلى مشاريع فنية، تواصلية، وثقافية. بعض الجماهير أبدعت في رسائل “التيفو”، وأخرى حفرت في الذاكرة المشتركة لتعبر عن نضالها في حب الفريق، والبعض اختار أن يكون صوته منصّة لتقاطع الرياضة مع قضايا الهوية، البيئة، وحتى قضايا المجتمع.
في زمن ترتفع فيه الأصوات المنادية بتهميش الجمهور، جاءت هذه البطولة لتُعيد الاعتبار له، لا كمكمل، بل كجزء من نسيج اللعبة نفسه.
- بطولة الجماهير: نحو ترسيخ تقليد جديد
الأهم من كل شيء، أن “بطولة الجماهير” أثبتت أن الجمهور ليس ظاهرة هامشية، بل مركزية. من هنا، فإن تثبيت هذه المبادرة كموعد سنوي، وتوسيعها لتشمل جماهير الفرق الأخرى، وحتى جماهير الفرق الوطنية في الخارج، سيكون خطوة استراتيجية نحو جعل الكرة المغربية أكثر ارتباطًا بقاعدتها الشعبية.
من سيواصل؟ ومن سيتوّج؟
في نهاية المطاف، سيصل جمهوران إلى النهائي، وسيُتوج واحد. لكن الحقيقة الأعمق أن كل الجماهير الرائدة اليوم قد انتصرت، لأنها أعادت امتلاك المساحة التي تستحقها.
بطولة الجماهير ليست مسابقة فقط. إنها مرآة لروح هذا الوطن، بشغفه، وتعدده، وطاقته الجماعية.
فمن سيتحدث باسم الجمهور المغربي في النهائي؟ الإجابة تكتب الآن… بأصوات، وبقلوب، وبأهازيج لا تنطفئ.












