سؤال في السينما المغربية للدكتور حسن الروخ(الحلقة الثانية)
مرحبا بالضيف الكريم الأستاذ حسن الروخ، في البداية قدم نفسك للقراء؟
حسن أستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط، شغلت مسؤولية رئاسة شعبة التقنيات والهندسة ومنسق الإجازة في الدراسات الأساسية مسلك الصورة، ومسلك ما بعد الإنتاج، ومنسقا لمسلك الماستر المتخصص في تقنيات جماليات الصوت والصورة، اشغل حاليا المدير المساعد المكلف بالدراسات بالمعهد.
لعديد من الأبحاث العلمية والتقنية المتعلقة بتكنولوجيا الصورة وتحليل الفيديو. كما تم نشر العديد من الأبحاث بمواقع متخصصة في التقنيات الحديثة لتخزين ومعالجة الصورة بخورزميات متقدمة. ناهيك عن محاضرات وماستر كلاس لاستعمال التكنولوجيا بالميدان السينمائي بالمغرب.
حدثنا عن الدراسات السينمائية في المغرب؟
يسعدني أن أتكلم عن الدراسات السينمائية بالمغرب والتي تتخذ أنماطا مختلفة ومناهج متعددة. لكن ما يمكنني أن أتحدث عنه، هي الدراسات العليا والمتخصصة في السمعي البصري والسينما بالمغرب، حيث هناك عدة مؤسسات ومعاهد التكوين في الميدان السمعي البصري والسينما بالمغرب بتكوينات تقنية مهنية… كمؤسسات التكوين المهني سواء منها العمومية أو الخاصة، في حين التكوينات العليا تبقى منحصرة بين الكليات والمعاهد والمدارس الجامعية والغير التابعة للجامعة. وهنا تبقى الخصوصية المرتبطة بنمط التكوين ومناهجه المتعددة بين ما هو أكاديمي نظري وبين التكوينات ذات البعد الأكاديمي التطبيقي وأخرى بمنهجية هجينة تجمع بين النمطين معا.
ما الفرق بين معهد تخصصه السينما ومعهد تخصصه السمعي البصري؟
التكوين السينمائي هو جنس من الأجناس السمعية البصرية، وبالتالي التكوين السمعي البصري يشمل كل ما هو متعلق بمهن مرتبطة بالصوت والصورة. وهنا أجد أن التكوين السينمائي يدخل في هذا الإطار مع تعميق التكوين ببعد إبداعي وجمالي وكذلك تلقين مناهج التعليم الفني لتربية الحس الجمالي والفني عند الطالب.
وتبقى السينما أقرب للأجناس الأخرى إذا ما اعتمدنا على التقنيات الحديثة والتكنولوجيات الجديدة في الميادين المتعددة والمرتبطة بالإنتاجات الإبداعية، على غرار ما كانت تعرفه التقنيات السينمائية في السنوات ما قبل الثمانينات والسبعينات من القرن الماضي.
كيف ترى مستقبل التكوين السينمائي في المغرب؟ وماهي آفاقه؟
ربما آفاق التكوينات السينمائية والسمعية البصرية، على حد سواء، مرتبطة:
– أولا بالإرادة السياسية للنهوض بالقطاع السمعي البصري والسينمائي المغربي،
– ثانيا بمدى ارتباط السياسة الحكومية باستراتيجية شاملة لتنمية القطاع بأبعاده المتعددة والمتشعبة وكذلك برؤى واضحة مع برنامج واضح بخطة طريق تجعل من القطاع أحد أهم القطاعات المدرة للدخل داخل الإقتصاد الوطني.
– ثالثا يجب إعطاء الأولوية للبنيات التحتية والخدماتية للقطاع السينمائي بما فيها القطب العمومي الذي يجب إعادة النظر في هيكلته وسياسته. أما بالنسبة للقطاع السينمائي يجب إعادة النظر في دور واختصاصات المركز السينمائي المغربي، لا يمكن حصر أدواره في توزيع الدعم العمومي، بل يجب إعادة النظر في هيكلته مع إعطائه أدوارا تتماشى مع التقدم التكنولوجي وتحديث التقنيات، وجعله مركزا لتثمين القطاع السينمائي والسمعي البصري بالمغرب بانفتاحه على أدوار جديدة واختصاصات تتماشى مع العالم الرقمي ومسايرة المسطحات الرقمية العالمية لتدبير وتسيير القطاع السينمائي المغربي.
يجب أن تتعدى أدواره المختزلة في منح الدعم العمومي للإنتاجات الوطنية والعالمية وللمهرجانات وللقاعات السينمائية السائرة في الاندثار نهائيا، يجب الآن التفكير في استراتيجيات متطورة وحديثة للتشجيع على إحداث دور العرض السينمائية وتعميمها على الحواضر والقرى ووضع سياسة عمومية مشجعة لإحداث دور العرض ضمن سياسة شمولية. كما يجب العمل على وضع برنامج وطني يشجع ويثمن الأنشطة الثقافية والفنية بإحداث مهرجانات محلية، وطنية ودولية لإشعاع الإنتاج السينمائي بالمغرب، خاصة المهرجانات ذات البعد الفكري والابداعي للتعريف بالسينما المغربية عربيا ودوليا، مع إحداث صناديق جهوية لدعم التظاهرات الثقافية والفنية والسينمائية.
– رابعا العمل على وضع شراكة استراتيجية تنموية للقطاع بين معاهد ومؤسسات التكوين والقطب العمومي للسمعي البصري والمركز السينمائي المغربي، حتى نتمكن من ضمان تكوينات تتماشى مع متطلبات سوق الشغل وحاجيات القطاع مع تخصصات تجيب على إشكالات وتساؤلات المهنيين، وحتى نحقق هذا المبتغى يجب وضع صلة وصل بين كل المتدخلين وجميع مكونات القطاع وأولها مؤسسات التكوين المتخصصة التقنية منها والعليا.
ما هي الصعوبات التي تواجه طلبة السينما في المغرب؟
هناك عدة صعوبات وأولها التداريب الميدانية وآخرها سوق العمل. ناهيك عن المشاكل التي تواجه الطلبة في إنجاز مشاريعهم التطبيقية او المشاريع المهنية لأن المساطر الإدارية لا تتماشى مع التقدم الحاصل في القطاع، لا يمكن أن نضع نفس المساطر أمام طلبة بالمؤسسات المتخصصة في التكوين السمعي البصري والسينمائي بالمغرب المعتمدة والمعترف بها بأشخاص لا تربطهم أية صلة بالقطاع، سواء فيما يخص البطائق المهنية أو تراخيص التصوير…. وهنا تكمن المشكلة التي تتطلب أيام دراسية للتفكير وتعميق النقاش حول علاقة مراكز التكوين السمعي البصري والسينمائي، بالمركز السينمائي المغربي، لا يعقل أن تكون هناك تمثيليات للمهنيين في جميع اللجن والمجلس الإداري للمركز ولا توجد تمثيلية لمؤسسات التكوين السمعي البصري والسينمائي داخل اللجن وكذا المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي.
أظن أننا بصدد تطوير القطاع بكل مكوناته ولهذا أكررها للمرة الثالثة يجب إعادة النظر في هيكلة كل القطاعات المتعلقة بالسمعي البصري والسينما بالمغرب بما في ذلك المؤسسات الحكومية والوزارة الوصية.
معاهد السينما في المغرب تلقي التقنية أم الإبداع؟
لا يمكن أن نفصل بين الاثنين، فالإبداع يعتبر الروح والتقنية هي الحياة، فلا روح بدون حياة ولا حياة بدون روح.
واعتبر التكوين كالماء يحتاج إلى مكونين أساسيين هما الأوكسجين والهيدروجين فلا ماء بدونهما، هكذا هو التكوين السينمائي والسمعي البصري، لا يمكننا أن نفصل التقنية عن الإبداع أو الإبداع عن التقنية ومن يتصور ذلك فهو واهم. لأن تطور السينما ارتبط في القرن التاسع عشر بتكنولوجيا التقاط الصورة وهو مرتبط حتى الآن بمدى تطور التكنولوجيا.
كيف ترى الساحة السينمائية في المغرب من وجهة نظرك؟
الساحة السينمائية بالمغرب هي جد خصبة يلزمها العمل على استقطاب الاستثمارات والكفاءات لأجل إنتاج الثروة، لازال لدينا أمل لكي يصبح المغرب متطورا في الصناعة السينمائية، وما يعرفه القطاع من تطور هو ناتج عن اهتمام المواطن المغربي بالإنتاجات الوطنية وكذلك ما أبانت عليه الكفاءات الوطنية في التشخيص والتقنيات والإنتاج والإخراج جعلت المتتبع المغربي يبدي اهتماماته بالإنتاجات الوطنية ويتيق فيها أكثر من السابق.
حدثنا عن دراستك ومشروع تخرجك؟ هل من الضروري دراسة الفن؟ وهل الابداع يدرس؟
مساري الدراسي كان متنوعا من حيث التكوين والتداريب والتجارب الأكاديمية والمهنية والفنية، لكن ما يهم أنني حاصل على شهادة البكالوريا علوم رياضيات، تم درست العلوم الرياضية بالتعليم العالي تم تدبير الإنتاج فتدبير الجودة لتحسين الإنتاج تم قمت بدراسة الدكتوراه في تقنيات الصورة لأجل تحسين الإنتاج والصناعة باستعمال تقنيات متقدمة حول الصورة وبعد ذلك قمت بأبحاث متعددة لأجل تحسين استعمالات الصورة وتحليل الفيديو تم التكنولوجيا في السينما. لكن الأهم كان تأثري بالمسرح منذ الدراسة بالثمانينات وكنت من مؤسسي مسرح السبعة جيل جديد في التسعينات وقمت بورشات تكوينية في مجال تقنيات المسرح وبعدها تأطير في تقنيات الإنتاج المسرحي كما قمت بتغطية اللوازم التقنية والفنية للمسرح الجامعي بمكناس، وبعدها أصبحت بين مفارقتين متابعة المسرح والإبداع أم متابعة الدراسة العلمية والتي كنت متفوقا فيها، فكان الإختيار للمسار الدراسي لينتهي الأمر لمسار مهني في مجال السمعي البصري والسينمائي وذلك بعد تأسيس معهد خاص للتكوين في ميدان السمعي البصري بمكناس حيث قمت بتكوين مجموعة من الطلاب المغاربة والأفارقة الذين تفوقوا وأبدعوا في مسارهم المهني.
وبعد ذلك ينعرج مساري نحو المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط لأكون أول أستاذ يلتحق بالمعهد ويشارك في تأسيس أول معهد عالي عمومي يكون في السمعي البصري والسينما بالمغرب.
أزمة السينما المغربية، أزمة إنتاج أم إبداع؟
لا يمكن أن نقول أن أزمة السينما بالمغرب هي أزمة إبداع أو أزمة إنتاج أو كتابة، بل هي أزمة منظومة مشلولة وغير متكاملة، أزمة رؤية غير واضحة، هي إشكالية لسياسات متعاقبة غير مكتملة ولا مكملة ولا متممة، يجب التوقف للحظة والتمعن فيما يجري، ستجد أن هناك حلقات مفقودة وثغرات تملأ الساحة الإبداعية والإنتاجية وكل مجال يرمي المسؤولية للآخر، حاله حال منظومة التربية والتكوين، فلابد من العمل على تكوين أجيال بذوق فني وحس إبداعي وثقافة فنية سينمائية، حينئذ يمكننا أن نعتمد على أطر وكفاءات مغربية حاملة لمشروع مجتمعي بحمولة ثقافية وفنية إبداعية وسينمائية. ممكن أن نتكلم عن أطر لها القدرة على التفكير جيدا في وضع منظومة شاملة ومتكاملة لأجل مستقبل السينما بالمغرب، ولنا الأمل أن لدينا القدرة والإستطاعة لتنمية القطاع بكل أبعاده ومكوناته، ولنا اليقين إن كانت هناك إرادة سياسية، سنستطيع من الرفع من الإمكانات المادية والبشرية والابداعية للنهوض بمستقبل السينما بالمغرب.
ماذا تعني السينما بالنسبة إليك؟ هل هي فن أم ثقافة أم وسيلة لتحصيل المعرفة أم مجرد أداة ربحية أم وسيلة فعالة للفكر؟
السينما أولا وقبل كل شيء هي رؤية تحددها أبعاد ثقافية وفنية وإبداعية ونضع رهن إشارتها اللوازم التقنية والمعرفية والمادية لأجل تنمية القطاع إشعاعه فكريا وثقافيا وتحصيل المنافع الإقتصادية للوطن
الألباب المغربية
فكرة وإعداد وتقديم عبد الرحيم الشافعي