شرع المخرج ياسين فنان في تصوير ثالث تجاربه السينمائية الروائية الطويلة بمدينة طنجة رفقة شركة إنتاج رائدة في المغرب والعالم ويتعلق الأمر بـ Dune films ومجموعة من أبرز الممثلين المغاربة والأجانب.
تتمحور أحداث الفيلم، الذي يحمل عنوان “السمسار والصرار والنملة” L’INTERMEDIAIRE, LA CIGALE ET LA FOURMI حول “فليسيتي” مهاجرة مسيحية من إفريقيا جنوب الصحراء (الكاميرون) يقودها حلمها بحياة أفضل، إلى رحلة شاقة نحو الفردوس الأوروبي، لكنها تكتشف عند وصولها إلى مشارف الحلم (طنجة) أن الأمر لا يغدو سوى مغامرة قذفت بها نحو المجهول…
في سياق حكايته لقصة “فليسيتي”، التي يتقاطع مصيرها مع شخصيات مغربية وأجنبية من خلفيات مختلفة، يغوص فنان في عمق العلاقات الإنسانية التي تربط أشخاصا يبحثون عن حياة أفضل، لكن بطرق مختلفة، تفضي إلى ضرورة التعايش، رغم صعوبته في ظل ظروف قاسية يعيشها بعض شخوص الفيلم، خصوصا المهاجرون الأفارقة غير الشرعيين بحكم الاختلاف الثقافي والديني والتفاوت الطبقي.
الفيلم من بطولة الممثلة الفرنكو سينغالية المتميزة مريم ندايي Marème N’Diaye والنجمة السينمائية المغربية نادية كوندا، والممثل الطنجاوي هشام السلاوي، الذي يعود بدور متميز بعد غياب، والممثلة المتألقة ماجدولين الإدريسي، والممثل المقتدر منصور بدري ، وسلمى حبيبي، وثلة من الممثلين الطنجاويين المعروفين والمقترين مثل عبد السلام بونواشة، ومصطفى الحوشي وآخرين…
ويشرف على تنفيذ إنتاج الفيلم المستفيد من 3 ملايين و300 ألف درهم من لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية التابعة للمركز السينمائي المغربي، الشاب محمد الكغاط.
لماذا طنجة؟
طنجة مدينة كونية ودولية بامتياز، كما أنها بوابة إفريقيا نحو أوروبا، وملجأ لجنسيات من مختلف أنحاء العالم. في حالة تعايش فريدة، نجد في مدينة طنجة وفي درب واحد، دور عبادة متعددة، وأزقة شاهدة على تجانس اجتماعي عمره قرون، ومباني تختزل تاريخا يؤكد العلاقة بين الإنسان والدين والمكان.
ورغم أن طنجة أصبحت في السنوات الأخيرة، نموذجا للتعايش الصعب بين المغاربة وأفارقة جنوب الصحراء، بسبب حوادث مأساوية تخلف الكثير من الاحتقان والتوتر، إلا أن تاريخ المدينة يوحي بإمكانية عودة التعايش السلمي. وهذا ما يسعى الفيلم لإبرازه بحس فني جمالي وإنساني.
Dune films شركة إنتاج رائدة في المغرب والعالم
يخوض ياسين فنان تجربته السينمائية الجديدة، التي يعتبرها مختلفة تماما عما قدمه في تجارب سابقة، مع شركة إنتاج عملاقة، ويتعلق الأمر بـDune films “دين فيلم”، التي تقف وراءها كفاءات مغربية كبيرة في عالم الإنتاج السينمائي الوطني والعالمي مثل سناء الكيلالي، جيمي أبوالنعوم، كريم أبو عبيد وحفيظ بلافريج.
تعتبر “دين فيلم” من أكبر المساهمين الفعليين في جلب الإنتاجات السينمائية العالمية الضخمة إلى المغرب، والإشراف على تنفيذها، مثل “طريق الحرية” لبيتر وير سنة 2009، و”لعبة الجواسيس” لتوني سكوت سنة 2001، وفي “وادي إيلاه” لبول هاجير سنة 2007، و”بابل” لأليخاندرو وكونزاليك إيناريتو سنة 2005، و”الكسندر الأكبر” لأوليفير ستون سنة 2003، وفيلم “المصارع” (غلادياتور) لريدلي سكوت، الذي جرى تصوير الجزء الثاني منه أخيرا في المغرب، وأفلام عالمية أخرى نالت العديد من الجوائز في المهرجانات، ولاقت نجاحا جماهيريا كبيرا في دول العالم.
ومن أجل خلق صناعة سينمائية وتلفزيونية مغربية متميزة ورائدة، سخرت “دين فيلم” كل إمكانياتها لإنتاج عشرات الأعمال السينمائية والتلفزيونية الناجحة، التي أعادت ثقة الجمهور المغربي في الإنتاجات الوطنية.
ياسين فنان مخرج متميز يعوود إلى معشقوته السينما
رغم النجاح اللافت الذي حققه في الدراما التلفزيونية، يتوق المخرج ياسين فنان إلى عشقه الأول السينما، بهذا الفيلم الروائي الطويل، الذي يعيده بقوة إلى الشاشة الفضية مع شركة إنتاج عالمية ستوفر له كل الإمكانات لتحقيق فيلم سينمائي متميز.
ويعد فنان واحدا من أبرز المخرجين المغاربة، إذ تصدرت أغلب أعماله نسب المشاهدة، وكما في أعماله التلفزيونية، التي يصلح أغلبها للسينما، خصوصا بعض حلقات سلسلة أفلام “ساعة في الجحيم” التي حصلت على العديد من الجوائز.
ومن خلال مسيرة فنية لافتة مع الدراما التلفزيونية، دشنها سنة 2010 بـ”العقبة ليك”، وأتبعها مسلسل ”بنات لالة منانة” بجزأيه الأول والثاني 2012/2013، الذي جعله من أبرز صناع الدراما المغربية، ثم مسلسل “زينة” 2014 ومسلسل بجزأيه الأول والثاني (2015/2016).
سيواصل فنان نجاحه عبر سلسلة “حياتي” (2017)، ثم ينحت اسمه في سجل الدراما المغربية سنة 2018 بعملين متميزين بشهادة المشاهدين والنقاد هما “قلوب تائهة”، و”الوجه الآخر”، الذي وصفه الناقد السينمائي والفني مبارك حسني بـ”مسلسل درامي جديد يزيد من الحضور الفعلي لدراما مغربية صارت حقيقة تلفزيونية خالصة، وشيدت لها وجودا في البرمجة يصعب أن يزول، ما دام هناك إنتاج متواتر وطلب عليها. دراما لها لغتها الخاصة”.
ورغم اشتغال ياسين فنان بالمسرح والتلفزيون وتألقه فيهما، إلا أنه يؤكد بأن عشقه الأكبر هو السينما، التي دشنها سنة 2004 بثلاثة أفلام قصيرة هي “قميص أبيض وربطة عنق سوداء و”Danger MAN”، وThe Futur is NOW ، ليتوقف بسبب ظروف إنتاجية وينخرط في مشروع “فيلم أندستري” لنبيل عيوش، حيث أخرج أفلام “العودة إلى الجحيم”، و”شجاع تحت أرض أكادير”، و”الهيكل العظمي” بميزانية متوسطة.