موسيقى أندلسية، مديح وسماع، الملحون، الكناوي والشكوري والحساني، العيساوي والأمازيغي.. أطياف وألوان اختلفت فاتحدت عن عمد وسبق إصرار، لتتحدى الاختلاف، فنانون من مختلف الديانات في ملحمة “روح الثقافات” من توقيع المايسترو هشام دينار.
ففي ليلة لا ككل الليالي، وعلى خشبة المكتبة الوسائطية، ليلة الرابع من مارس، بمدينة الإيقاعات “موكادور “، لفيف من المثقفين وجمهور حج من كل صوب وحدب، حضور وازن لشخصيات عامة توسطها السيد أندريه أزولاي مستشار جلالة الملك وزوجته المكرمة كاتيا ابرامي ازولاي، بنت الصويرة وسيدتها الأولى في حفل بهيج على شرفها.
حيث آثرت جمعية شباب الفن الأصيل للسماع والتراث للزاوية القادرية بالصويرة إلا أن تجعل من هذه الليلة سنة وشريعة، فكانت هذه؛ بمثابة نسخة أولى للمهرجان الدولي “روح الثقافات “، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة.
مهرجان “روح الثقافات”، قال عنه مبدعه الفنان والمايسترو هشام دينار؛ أنه يأتي استرشادا بالتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بنصره المبين، بخصوص تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات واحترام التنوع الثقافي.
وكذلك؛ فهو بمثابة تفعيل للمقتضيات الدستورية للمملكة العلوية الشريفة فيما يتعلق بصيانة تلاحم مقومات هويتنا الوطنية الموحدة، عبر انصهار كل مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية الغنية بروافدها الإفريقيةوالأندلسية والعبرية المتوسطية.
ورغم أن اللحظة وسحر اللحظة يجيب عن ألف سؤال وسؤال، ملحمة تشهد أن تاريخا كان ولا زال هنا وهناك، وأن الموسيقى بمثابة ربان لسفينة يركبها كل منتسب لهذه الأديان: العبرية والمسيحية والإسلام.
قلنا أن اللحظة تجيب السائل والولهان، لكن؛ لم تفتنا الفرصة، فكانت لنا مع المايسترو هشام دينار هذه الوصلة.
-س – حول الفكرة كفكرة في حد ذاتها، “روح الثقافات”، لماذا روح الثقافات ولماذا مهرجان الثقافات؟
ج – فكرة مهرجات روح الثقافات هي فكرة خالجتني منذ عشر سنوات، أي منذ تاريخ تأسيسي لجمعية شباب الفن الأصيل، فدائما ما كنت أراني قادرا على تنظيم مهرجان دولي، فلقد كنت منذ صغري دائم الحضور في الساحة الفنية والثقافية في مدينة الصويرة وخارجها، وفكرة تنظيم مهرجان يجمع بين كل الثقافات والديانات هي فكرة نابعة من قناعاتي الشخصية، خصوصا وأنني ترعرعت في مدينة الصويرة مدينة التعايش بامتياز.
– س- فهل المدينة وطبيعتها ساهمت في انفتاحك على ثقافات أخرى، اليهودية خصوصا، بحكم التلاقح الثقافي فيها منذ مئات السنين؟
ج – نعم؛ فكما هو معلوم أن الصويرة المدينة الوحيدة في العالم الإسلامي التي كان يقطن بها أغلبية يهودية، لاسيما بالقرن الثامن عشر على عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله، الذي جعل من المستعمرة البرتغالية سابقا ومينائها مركزا دبلوماسيا وتجاريا.
هذا وأن قرونا من التبادل والالتقاء بالمدينة خير شاهد على علاقات متقاربة غنية وجوهرية بين المسلمين واليهود، مماساهم في انفتاحي على الثقافات الأخرى باعتباري أحد أبناء هذه المدينة العتيدة والعريقة.
– س- هل يمكن القول أن الفن قد ساهم في تغذية هذا الحس المشترك دينيا، فنيا وتراثيا؟
ج: أكيد فسلطة الفن نجحت في مهمة الجمع بين الثقافات في وقت نشهد فيه ظهور أفكار رجعية كنا نظن أنها اختفت، كالخوف من الآخر والشعور بالقطيعة، فبفضل الفن؛ ستبقى هذه الأفكار خارج المغرب وسننعم بجيل يؤمن بفلسفة التعايش وهو ما يسمح بالتمازج الودي والثقافي والفكري بين جميع المكونات، فهذه الفلسفة؛ هي التي تسمح بتعايش المسجد والكنيسة والدير في تناغم تام ودونما أدناه شنآن.
-س ـ وهل تؤمنون بسلطة الفن وبقدرتها على خلق جيل يتعايش رغم الاختلاف الديني والعرقي؟
ج ـ أكيد؛ فرسالة الفن هي رسالة واضحة، لذا أرى أن الموسيقى ستصدح بأعلى صوتها، مغنية لقيم الحب والجمال، دونما أدنى التفات لا لعرق، ولا لجنس، ولا لديانة، ولا صوت يعلو على صوت التعايش وقبول الاختلاف.
حاورته نادية الصبار
7/03/2023