اقلام واراء
يتواصل حاليا بالقاعات السينمائية الوطنية، عرض فيلم “دوار العفاريت” لمخرجه بوشعيب المسعودي، والذي طرح منذ 20 من الشهر الجاري، بعد ان تم عرضه بشكل خاص بسينما ميكاراما بالبيضاء.
دوار العفاريت ومدته ساعة ونصف، أول تجربة سينمائية روائية طويلة للمسعودي، يتميز بمشاركة نخبة من الممثلين على الصعيد الدولي والوطني، يتقدمهم عز العرب الكغاط، وعبد الحق بلمجاهد، وسعاد الوزاني، وجمال العبابسي، وأحمد أولاد، فضلا عن محمد حمزة، ووفاء مراس، والشرقي سروتي، فضلاعن عبد الرزاق ولد عامر، وفاطمة الزهراء الكوش، ومحمد سيبو وعثمان ركوب وأمين سيافي.
تم تصوير الفيلم، وهو من إنتاج شركة الواحة للإنتاج السمعي البصري تحت إدارة الفنان رشيد الحجوي، بعدد من مناطق جهة بني ملال خنيفرة، خاصة القصيبة وزاوية الشيخ والضواحي، واخرى بكل مدينتي البيضاء والعيون.
احداث الشريط السينمائي الجديد، يتقاطع فيها الدرامي بالكوميدي، في قالب فني وسينمائي، يجذب المشاهد الى اخر اللقطات، وهو ما يعطي لهذا العمل السينمائي مسحة رائعة للفرجة، وطرح فيض من الأفكار والمواضيع.
دوار العفاريت، يوحي بمسحة شاعرية جميلة، تنبعث من نقاء الصورة، ورقة اللغة السينمائية، وسحر سينمائي قوي، يطرد عفاريت الملل، ويفتح لملائكة الانتشاء السينمائي التحليق في كل زوايا صالات العروض.
انه شكل إبداعي رزين، ضمن قصة واقعية بإبعاد مجتمعية واقعية، تطرح قضايا مهمة للنقاش، كالهجرة والمخدرات والخيانة والمواجع الإنسانية والعلاقات الزوجية، وهو ما يجعل الدوار، بكل طقوسه وغرائبه وشخوصه، حلقة فرجوية تجتمع فيها سخرية القدر، بسلطة وبشارة الأمل، وفق رؤية إخراجية ماتعة، لها زاوية جديدة في التصور والإبداع والخيال.
بهذا يكون المخرج المسعودي بكل هدوء الأطباء المتمكنين، قد صنع ووصف للمتلقي حبة أسبرين سينمائية لها من الفرجة والسكينة ما يجعل من عفاريت الألم، تخرج مندحرة من قمقم الرماد بغير رجعة، وبذلك يكون الفيلم رحلة سينمائية ممتعة، قادرة على علاج الالم، وخلخلة ذاكرة المتفرج، وطرح البديل، كتجربة تفرض احترامها في المجال السينمائي.
وقد تأتى للمخرج، وهو كاتب موهوب له إصدارات عدة، من خلال تجارب إبداعية وسينمائية مميزة سابقة، لعل ابزرها فيلمه الوثائقي “امغار”، و”أسير الالم” اللذين توجا بعدد من الجوائز الوطنية والدولية.
بهذه التحفة السينمائية الجديدة، التي ستكون لها تداعياتها المؤثرة في الساحة، وكلمتها في المستقبل، يكون المسعودي وهو ابن مدينة خريبكة، قد أعطى المثال الحي، لقدرة أبناء المدينة بإمكانيتهم المادية والمعنوية الخاصة والشخصية، ان يبدعوا مثل هذه الأشكال الإبداعية الجميلة، خدمة للإشعاع الفني والثقافي للمدينة والاقليم والجهة.
دوار العفاريت، في قراءة أولية، هو فرجة سينمائية ممتعة تستمد نسقها الجمالي والفرجوي الرفيع، من الرغبة الأكيدة لفريق العمل، في التحدي، والتميز، وطرح البديل والتألق، وصناعة الجمال عبر ثقافة الصورة، بكل انساقها الفيلمية الرائعة.
دوار العفاريت، فال سعد سينمائي خريبكي ووطني، ودرب يضيء بالتميز، من خلال تناوله لشرور الذات في علاقتها بالآخر، وصراع العالم والوجود، بتقنية سينمائية جميلة، وفي قالب مفعم بالسخرية من الواقع أحيانا، وأخرى مفعم بكوميديا راقية، تجعل من السينما فرجة ومتعة بصرية رفيعة تخلص المتلقي من الرزايا والمواجع والأحزان…
تلك اذن هي سينما المسعودي الجديدة، زوايا وتيمات فليمية، تنطلق من الواقع، لتمتد الى حدود المألوف، وتتفاعل شكلا ومضمونا، بحثا عن اشراقات جمالية ولغة سينمائية ممتعة، وهو ما تم لمسه في دوار الفرجة السينمائية الراقية.
المصطفى الصوفي