اقلام واراء
كلما تعقدت الحياة، لابد من البحث عما نحقق به التوازن.
قد نتساءل وهل بالضرورة هذا التوازن ؟. قد نعمق السؤال بسؤال آخر. هل هذا التوازن شرط من شروط الحياة، وبالتالي الكل عليه أن يمارسه أو ربما الكل يمارسه بشكل من الأشكال الآن؟. ما الشيء الذي به نتوازن في هذه الحياة ؟. فعلا، كلما تعقدت الحياة، نشعر أننا في حاجة الى ما نتوازن به. إنها الكتابة !. ولماذا بها نتوازن؟. لأنها رؤية جميلة للذات وللآخر وللعالم. لأنها سر من أسرار الكون.لأنها لذيذة، حتى وإن كان ما تخطه حروفها كالعلقم. لأنها أنثى جميلة كلما كنت مهمومًا ولمحت عوالم الجمال فيها أصبحت مأسورا بين ضفافها. الكتابة أنثى … نعم هي أنثى في العربية (الكتابة)، وأنثى في الفرنسية ( une écriture ) وأنثى في البرتغالية(escrita) وفي الاسبانية (escritura)، ولا أدري وضعها في بقية اللغات العالمية، وان كانت هي الأخرى ستكون برائحتها. هي أنثى في بنيتها المعجمية على الأقل ضمن هذه اللغات. أنثى أيضا، بوظيفتها التي تشبه سحر ومفعول الأنثى، وعبر كل الحكايات التي حكت والتي لم تحك. أنثى أيضا، لكونها كلما اقتربت لفضاء الأم فعلت بنا ما شاءت. أنثى أيضا، لأنها المعشوقة التي لا تقاوم… بل المعشوقة التي قد تدخلك الأسر. كلما نبشنا في ذاكرتها تمدد المخيال… واهتز الوجدان وقبضنا على خيوط الأمل . هي أنثى حتى في الألم وبوحه. أنثى بصفاتها القليلة والنادرة. أكتب إن أردت القبض على الأنثى النادرة والعيش في ظلها وجمالها. أكتب إن أردت الاستمتاع بما ليس لدى الجميع وعن الجميع. أكتب فهي التوازن كله، بل هي الحياة كلها. أكتب إن أردت الانفلات من قبضة همومك ومعانقة شظاياها. اكتبع إن أردت التمرد عن قبضة ما يجري حولك وتبني عالما من الخيال لا يلجه إلا الراسخون في الجماع.أكتب … لكن ما انا بكاتب!. أكتب بما تملك من حواس … أكتب.إنك كاتب بهواك وزمنك ومكانك!. أكتب لتقبض عن لحظة هواك!. ما أقسى من لا يكتب وإن كان يكتب!.كم تهزنا ابتسامة الكتابة وتجعلنا نهوى سكارى على الأرض، نستعطف جمالها وحنينها ومتعتها!. كم أنت محظوظ أيها الإنسان …!. إنك في حضرة البهاء كله…! في حضرة الكتابة!. في حضرة الأنثى/ الجمال كله. أكتب فلم يبق لها غيرك في زمنك هذا … وتمدد كما حلا لك، فحلاوتها وصفة لكل داء … إنها الدواء كله!. هي أنثى ساحرة ولايدرك ظلها… الا من خبر سحرها!.أكتب، فالكتابة ما يتبقى لك بعد ان تغادر دنياك!. اكتب، فبها تؤرخ لك عيناك ما استمتعت به في دنياك. أكتب فالعالم كتابة/أنثى، به، تبقى ديمومته وشهادته المتمردة عن قهر الإنسان. يا أيها الانسان، ماذا لو لم تكن الكتابة؟. لمحوا عشقك ونثروا قلبك وجعلوك أسير الأسر. يا أيها الإنسان. أصبعك ، قلمك. ريقك مدادك. أكتب، فأنت الآن حر، ومنفلت من قبضة قهرك، باحث عن لحظة حلمك/انثاك… كتابتك !.
د.الحبيب ناصري