بين التفاهة والعمق.. “لحبيبة أمي” نموذج إنساني يسلط الضوء على الأمهات المغربيات

ادارة التحرير13 سبتمبر 2025آخر تحديث :
بين التفاهة والعمق.. “لحبيبة أمي” نموذج إنساني يسلط الضوء على الأمهات المغربيات

جبير مجاهد:
في زمن تمطر فيه الشاشات بوابل من البرامج السطحية، يطل علينا برنامج اجتماعي شكل نقلة نوعية وفسحة إنسانية اجتماعية، تضع حدا للتفاهة والسخافة والابتدال، وتفتح بابا للبرامج الهادفة والثراء الفكري والعمق في المعنى، إنه برنامج “لحبيبة أمي”، الذي يعيد الاعتبار للأم المغربية، رمز العطاء وحسن الضيافة، رمزالحب والحنان، رمز الجد والعمل، رمز الصرامة والتضامن، رمز الفطنة والحكمة.
هذا البرنامج الذي يعده السيناريست والإعلامي أحمد بوعروة وتخرجه جميلة بنعيسى البرجي، يسلط الضوء على واقع اجتماعي معاش، ليس فقط من أجل إعادة إنتاج الواقع أو بث الشفقة أو استدرار العاطفة، بل هو دعوة إلى إعادة النظر في وضعية الأم، ركيزة الأسرة المغربية الأصيلة، في مواجهة موجة من التغيرات المجتمعية القاسية التي تهدد بنية المجتمع المغربي الأصيل.
فالبرنامج هو سلسلة من القصص الواقعية الشائكة، التي تعيشها عدد من الأمهات المغربيات، إما في دور المسننين كما يحلو للحاج أحمد بوعروة دعوتهم متحفظا عن مصطلح العجزة، أو بمصحات عقلية أو مؤسسات سجنية، نساء ضحين بالكثير لرعاية أبنائهن أو أسرهن، ليجدن أنفسهن عالة على مجتمع وصولي، يرى فيهن عبئا وعالة عليه.
برنامج إنساني … مبادرات انسانية
وفاء للأهداف التي وضع من أجلها، وتكريسا لمواقفه الانسانية، وتأسيسا لثقافة الاعتراف، أبى طاقم برنامج “لحبيبية أمي” إلا أن يحتفي ببعض التجارب الناجحة لبعض الأمهات، ذلك أنه ليس فقط مجرد برنامج عن الأمومة، بل هو منصة لتكريم تجارب نسائية ملهمة، تغلبن على التحديات، وكتبن قصصًا استثنائية في الصبر والعطاء، وفي هذا الصدد حط البرنامج الرحال بمدينة خريبكة، لتكريم أم استطاعت أن تمزج بين الأستاذة في المدرسة والمربية في البيت، بين العطاء العلمي والحنان الأمومي، هي الشاعرة المتميزة والأم المعطاءة، نجحت في رسم مسار علمي وأكاديمي حيث تعمل كأستاذة للغة العربية، كما نجحت في تأسيس أسرة نتج عنها “سعد والأسعد”، فلقبت بأم الأسعدين، لكن هذا اللقب لم يزل لقبها الأول “أم سناء” الذي يحمل في طياته تاريخا نضاليا.
لقد كان هذا التكريم لحظة مميزة، وتجسيدا للخط التحريري للبرنامج الذي وضع من أجله، والذي يتناول من خلاله قضايا اجتماعية انسانية، ولقاءات حميمية مع أمهات من مختلف الأعمار، أمهات عرضن قصص كفاح واقعية، تجسد قيم التضحية، الحب، والإبداع. ف “الحبيبة أمي” ليس مجرد عنوان… بل تأكيد بأن وراء كل نجاح أم عظيمة.
وفي خطوة أثارت إعجاب ومتابعة عدد كبير جدا من المشاهدين، كان برنامج ” لحبيبة مي” سببا في إحياء الحب بين طرفين، كانا نزيلين بدار المسنين، وكأن الحياة انتهت بالنسبة إليهما، غير أن البرنامج كان له رأي آخر، وأثبت أن العمر مجرد رقم، وأن هؤلاء النزلاء لازالوا متشبتين بالحياة ولازالت لديهم القدرة على العطاء، فعمل على إعداد حفل زفاف للمسنين بعين عودة، حيث إلتمت العائلة الفنية والإعلامية والمجتمع المدني، في هذا العمل الخيري والإنساني مشاركين المسن “با الشرقاوي” فرحته بالزواج من “مي جمعة”.
لقد جاء هذا الحدث ليؤكد رسالة واضحة وعميقة، مفادها أن من يقبعون في مؤسسات رعاية المسنين ليسوا فقط بحاجة إلى الرعاية الجسدية، بل يحتاجون أيضًا إلى الحنان والاهتمام العاطفي، ليواصلوا مشوار حياتهم بشكل طبيعي وكريم. فمثل هذه المبادرات تساهم في تعزيز روح الأمل والتفاؤل لديهم، وتشجع المجتمع على إعادة النظر في كيفية التعامل مع كبار السن، معتبرين إياهم ركيزة مهمة في النسيج الاجتماعي.
كما أضفت المبادرة بعدًا إنسانيًا هامًا، حيث ألهمت الكثير من الأسر والمجتمعات للتركيز على الاهتمام النفسي والاجتماعي للمسنين، وتأكيد حقهم في السعادة والحب حتى في مراحل العمر المتقدمة. في النهاية، أثبت برنامج “لحبيبة مي” أن القلوب لا تكبر، وأن السعادة حق للجميع مهما كانت السن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة