رغم ما يتمتع به من مؤهلات طبيعية فريدة وموقع استراتيجي يطل على واجهتين بحريتين، لا يزال شاطئ سلا يعيش على وقع الإهمال والفوضى، في مشهد يختزل سنوات من التراجع في تدبير الفضاءات العمومية بالمدينة.
يمتد الشاطئ على مساحة شاسعة، بين المحيط الأطلسي ومصب نهر أبي رقراق، ويُعدّ من أبرز المتنفسات التي تستقطب سكان سلا والرباط وغيرهما، خصوصاً خلال فصل الصيف. غير أن الزائر يصطدم بواقع صادم: أكوام من الأزبال، روائح كريهة تنبعث من سوق السمك العشوائي المجاور، وفوضى مرورية عند مدخل الشاطئ بسبب مرأب السيارات غير المنظم و”حراس الموقف” الذين يتحكمون فيه بسلوكيات توصف أحيانًا بالجشع والعدوانية.

ويُجمع المصطافون على أن أدنى شروط النظافة والراحة غائبة. فإلى جانب تردي البنية التحتية وغياب مرافق صحية وخدماتية لائقة، تنتشر سلوكيات مقلقة، كالتلفظ بألفاظ نابية، وتعاطي المخدرات، ومصطافين مع الكلاب، ما يجعل العديد من الأسر تُفكّر مرتين قبل زيارة هذا الفضاء الذي كان من المفترض أن يكون مكانًا للراحة والاستجمام.
مصادر محلية تؤكد أن هذا الوضع ليس وليد اليوم، بل نتيجة تراكمات سنوات من غياب التخطيط الجاد، والتدبير الرشيد للملك العمومي البحري. وبينما تتقدم مدن مجاورة في تطوير واجهاتها البحرية وتحويلها إلى نقط جذب سياحي واقتصادي، لا تزال سلا متعثرة، تعاني من ضعف المراقبة، وتراجع في جودة الخدمات العمومية.
وأمام هذا الواقع، يرتفع صوت المجتمع المدني والساكنة المحلية، مطالبين بـتنظيم سوق السمك وتحديد نشاطه بعيدًا عن الشاطئ، وإطلاق حملات نظافة مستمرة، ووضع حد للفوضى، وايجاد موقف لائق للسيارات بالمجان، فضلا عن توفير مرافق وخدمات تراعي كرامة المواطنين.

كما دعت فعاليات جمعوية إلى جعل شاطئ سلا أولوية في أجندة المجالس المنتخبة والسلطات الولائية، والعمل على تأهيله وفق رؤية مندمجة تحفظ جماليته وتستغل مؤهلاته في خلق دينامية سياحية واقتصادية مستدامة.
لا يمكن لشاطئ سلا أن يستعيد بريقه ما لم تتظافر جهود الجميع، من سلطات، جماعات ترابية، وفعاليات مدنية، من أجل تحويل هذا الفضاء من مصدر للتذمر والقلق والنفور، إلى مفخرة حقيقية تعكس وجه المدينة وتطلعات ساكنتها.













