اقلام واراء
جبير مجاهد:
في إطار الأيام الثقافية والفنية والرياضية لجماعة خريبكة، وسعيا منها للحفاظ على الموروث الثقافي المغربي الأصيل، أحيت فرقة التراث الموسيقي العربي بقيادة الأستاذ سعيد الݣمراني، المنضوية تحت لواء جمعية أصدقاء معهد الموسيقى والفن الكوريغرافي بخريبكة، برئاسة مدير المعهد الأستاذ سعيد بخاخ، أمسية فنية متميزة حضرها المئات من محبي هذا الفن الراقي.
وتأتي هذه الليلة الفنية للتأكيد على أهمية الموسيقى الأندلسية كجزء لا يتجزأ من التراث الموسيقي الأندلسي، وتجسيد للهوية المغربية الضاربة في عمق التاريخ. وقد تميزت الأمسية بتقديم فقرات غنية من الطرب الأندلسي الأصيل، تنوعت بين البغية والتوشية والصنائع، التي تعد من اللبنات الأساسية لهذا اللون الفني الراقي.
استهلّت الفرقة برنامجها بعرض مقطوعات من نوبة رمل الماية، وهي واحدة من النوبات ذات الطابع الهادئ والعاطفي، فتم تقديم بغية تمهيدية تبعتها توشية عزفية أنيقة، قبل الانتقال إلى صنائع مختارة تعكس عمق هذا المقام وجماليته. وقد تفاعل الجمهور الحاضر مع هذه الوصلات الفنية التي أعادت إلى الأذهان أجواء الطرب الأندلسي كما كانت تؤدى في الحواضر المغربية الكبرى مثل فاس وتطوان.
بعد ذلك، انتقلت الفرقة إلى تقديم مختارات من نوبة الاستهلال، التي تعتبر من النوبات ذات النفس التأملي والعميق. تميز هذا الجزء من الحفل بنفس البنية الفنية، من خلال تقديم بغية ثم توشية تلَتها صنائع متنوعة، أظهرت مدى التمكن والاحترافية في أداء هذا النوع من الموسيقى، سواء على مستوى العزف أو الغناء الجماعي والفردي.
وقد أبرزت هذه الأمسية الفنية مناسبة لإبراز الجهود التي يبذلها المعهد الموسيقي بخريبكة، تحت إشراف الأستاذ سعيد بخاخ، في تكوين أجيال جديدة متمكنة من أصول الطرب الأندلسي، وقادرة على حمل مشعل هذا التراث ونقله إلى المستقبل، في ظل تحديات العصر وهيمنة الأنماط الموسيقية الحديثة.
كما نوه الحاضرون بالمستوى العالي لأداء الفرقة، التي بادرت لإغناء المشهد الفني المحلي ببرامج نوعية تستهدف الارتقاء بالذوق الفني لدى الجمهور، خاصة فئة الشباب، ما يؤكد على ضرورة الالتفات إلى تراثنا الموسيقي الفني الغني، ودعمه بكل السبل الممكنة.
