اقلام واراء
في ظل التألق المغربي اللافت على الساحة الكروية الدولية، ووسط أجواء الفخر التي يعيشها المغاربة نتيجة النجاحات المتتالية، إذ يستعد المغرب لاستضافة تظاهرات رياضية كبرى، بما في ذلك كأس إفريقيا للأمم “الكـان” وكأس العالم لكرة القدم 2030. هذه الاستحقاقات تمثل لحظة تاريخية تسعى المملكة من خلالها لتأكيد ريادتها الرياضية إقليميًا ودوليًا.
وتسير الدولة على قدم وساق، بتوجيهات ملكية مولوية سامية، في تنفيذ مشاريع ضخمة لتهيئة البنيات التحتية، بما يشمل تطوير الملاعب، وتعزيز شبكات النقل البري والجوي، وبناء طرق حديثة. لكن، إلى جانب هذه الجهود اللوجستية، تُطرح ضرورة تكثيف الجهود لتطوير الكفاءات البشرية، من لاعبين ومدربين وحكام، إضافة إلى تعبئة الصحافيين لمواكبة هذا التحول الرياضي الاستراتيجي وهذه النقلة الكروية.
ومع ذلك، تبرز تحديات تعكس غياب الرؤية الموحدة لدى بعض الجهات. ففي الوقت الذي يفترض فيه أن تتكاتف الجهود لتهيئة منظومة رياضية متكاملة، تتواصل ممارسات تعكس قصورًا واضحًا في إدراك حجم المسؤولية. كيف ذلك؟! لقد توصل موقعنا بشكاية تقدم بها حكم شاب من عصبة مراكش-آسفي تسلط الضوء على هذا الواقع المرير.
كشف الحكم يوسف الوداي وهو خريج مدرسة التحكيم موسم 2017/2018، في شكايته عما وصفه بـ”الإقصاء الممنهج”، مشيرًا إلى غياب العدالة والشفافية في تعيين الحكام من قبل اللجنة الجهوية للتحكيم. مؤكدا أن اللجنة تعتمد معايير “غامضة وغير معلنة” تفضي إلى تهميش كفاءات واعدة، على غرار حالته، رغم الإشادات التي تلقاها من فرق ومناديب مختلف المباريات.
ورغم ما يمتلكه الحكم يوسف الوداي من مؤهلات تحكيمية ومقومات بدنية، لم يُحظى بفرصة، ولا واحدة لإدارة مباريات القسم الممتاز، ما اعتبره تجاهلًا لقدراته وطموحه ليصبح حكمًا وطنيًا ودوليًا. مشيرا إلى أن بعض أعضاء اللجنة الجهوية وراء هذا ” الإقصاء الممنهج” سبق وتمت متابعتهم لارتكابهم “أخطاء جسيمة”، ليعودوا لمناصبهم دون محاسبة تذكر، ما يعكس بحسب الشكاية غياب النزاهة والشفافية.
وطالب الحكم يوسف الوداي بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة لإجراء تحقيق شفاف ونزيه يعيد الاعتبار لمبادئ النزاهة والعدالة في إدارة التحكيم الجهوي، معتبرًا أن ممارسات اللجنة الحالية تعكس صورة سلبية عن التحكيم المغربي، الذي يُفترض أن يكون نموذجًا للحياد وتكافؤ الفرص. ففي وقت الذي تسارع فيه المملكة الخطى لتنفيذ مشروع رياضي عالمي، يصبح لزاما التوقف عند هذه الممارسات، التي قد تُجهض طموحات الكفاءات المغربية وتُضعف مصداقية التحكيم الوطني.
والسؤال اليوم: هل ستتحرك الجهات المختصة لمعالجة هذه الاختلالات؟ وهل سيكون للتحكيم المغربي نصيب من الإصلاحات الجارية لتظل الرياضة الوطنية في أوج تألقها؟ وهل سيحظى الحكم الشاب يوسف الوداي بفرصة تؤهله لتبوأ مكانه الذي يستحق أم ستطوى صفحته وآماله وأحلامه في أن يكون حكما وطنيا ودوليا، لما لا، وقد عرف عنه دماثة الخلق والجدية والاستقامة، والصبر والمثابرة.. كيف لا وهو الذي جمع بين الرياضة ككمارسة وكتحكيم وبين التحصيل العلمي والشغف الإعلامي.. فأمثال هؤلاء الشباب يستحقون أكثر من غيرهم لمن يشد غلى أيديهم.
نادية الصبار