خريبكة السينما الافريقية:سعد الشرايبي في بوح ليلي مليء بالتشويق

خريبكة السينما الافريقية:سعد الشرايبي في بوح ليلي مليء بالتشويق

اقلام واراء

Fragments de scènes  محور حديث ونقاش الحاضرين بعد منتصف الليل

 

المصطفى الصوفي

أضاءت رحاب فندق بودرقة، أولى ساعات الخميس 16 ماي 2024، نجمة جديدة، من نجمات وكواكب منتديات منتصف الليل، التي تستضيف ضيوف المهرجان الدولي للسينما الإفريقية في سمر ليلي فريد، يستمتع فيه الحاضرون، بسمر حديث عن السينما وسحرا واسرارها، وتجارب سينمائية رائدة.

لقاء منتصف تلك الليلة، استضاف المخرج المغربي المميز سعد الشرايبي، مخرج صمت الكمنجات، هذا الفيلم الذي شهد حضورا ملفتا، ومتابعة قياسية من قبل الجمهور في المركب الثقافي محمد السادس ليلة الأربعاء، لقاء المنتصف تركز حول الإصدار الجديد للشرايبي باللغة الفرنسية (شذرات مشاهد)،  Fragments de scènes وهو الإصدار الذي شكل محور حديث ونقاش الحاضرين.

الناقد والصحافي السينمائي احمد سيجلماسي، الذي أدار اللقاء، استهل المنتصف، بقراءة عميقة ومتأنية للمؤلف الجديد، بدء من إهداء الوالدين رحمهما الله، مرورا بتقديم الباحث السوسيولوجي محمد الطوزي، والأجزاء الأربعة التي ميزت المؤلف، حيث اكد ان كل جزء يتكون من عدة فقرات او شذرات، وكل عنوان يعكس مضمون الفقرة، وصولا إلى الخاتمة.

واضاف سيجلماسي بالمناسبة، ان الأجزاء الأربعة، تضمنت عدة شذرات، فيها يتحدث الراوي عن سيرة البطل، وما وقع في الماضي، مع أحفاده، فضلا عن الإشارة الى سيرته المهنية، والعديد من الأنشطة السينمائية، والتذكير بأهم الأحداث والوقائع التي طبعت التاريخ المغربي او العربي او الدولي، ومنها القضية الفلسطينية مثلا.

شذرات المخرج سعد الشرايبي، يتداخل فيها ما هو خاص، بما هو عام، كما تلامس عدة محطات، كجزء من سيرة ذاتية، ميزت البطل والراوي انطلاقا من مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب، ثم النضج والوعي، مع وجود تسلسل كرونولوجي للعديد من الأحداث الوقائع.

ورأى الناقد السينمائي، في هذا المؤلف مسحة روائية، شدته بشكل كبير، عبر متعة القراءة، التي استنبط منها عدة ملاحظات، همت تاريخ المغرب خلال السبعينات من القرن الماضي، والبطل في الرواية كسينمائي مثقف وفاعل جمعوي، ومناضل متعدد الاهتمامات، مؤكدا ان ذا المرلف القيم، مهم جدا للطلبة والباحثين، كما أغنى الخزانة الثقافية والسينمائية المغربية.

وعرض سيلجماسي جانبا مهما من تجربة الشرايبي، الذي له علاقة بمجال الطب والأدوية، كشخصية مثقفة صريحة وشفافة، وداعمة لفيض من المبادرات الفنية والاجتماعية، من خلال تجربته في نادي العزائم، والجامعة الوطنية للأندية السينمائية، إضافة الى تجربته التكوينية في الخارج، مشددا على أن المحتفى به له إرادة قوية، وكتب المؤلف بطريقة فيها متعة بصرية، حيث القارئ يقرأ، وكأنه يشاهد صورة مغرية، كما مارس النقد، ودافع عن الكثير من القضايا العادلة، خاصة في أعماله السينمائية، افالمه كقضية المراة، وحقوق الإنسان، وغيرها، انه مبدع مهووس بالسفر والمغامرة والإمتاع.

وفي إجابته على أسئلة احمد سيجلماسي، حول هذا الجنس الأدبي/الروائي في علاقته بالذات والمجتمع، أكد الشرايبي، أنه مع تقدم الإنسان في العمر، تصبح الذاكرة مشحونة،، موضحا انه لا توجد منهجية في كتابة الشذرات، وان الاختيار كان مفكرا فيه، مع استقلالية في النص، وهو ما يوحي بتفرعات عديدة.

وكشف الشرايبي، ان أولى تباشير الكتاب، انطلقت في زمن كوفيد، حيث كان يستفيق في الخامسة او السادسة صباحا، ويستحضر حدثا او واقعة، وكان يدونها بدون وجود منهجية محددة في الكتابة، مبرزا أن التواصل مع محمد الطوزي كان حول تسلسل الأحداث، وكيف أعطاها مثلا صبغة روائية، او دراسة ان صح هذا التعبير.

وأضاف عريس ليلة المنتصف، ان المهم في المؤلف هو الجانب النظري، فلا أهمية للشخصية، بل الراوي هو الذي كان يسرد الأحداث، ونظرته لها وللعديد من التحولات، وكيف كان يصوغها، مشددا على أهمية القدرة على سرد الأحداث بما فيها من عنف في بعض الأحيان، وقيمة الراوي على الحكي، وسرد تسلسل الأحداث، حيث المهم في هذه الكتابة والمؤلف ككل، هو ان يكون لها قيمة ومعنى عند الاخر والمتلقي عموما

وقال “انه يحز في نفسي عدم معرفة العديد من الشباب لتاريخ البلاد، ولعدد من الأحداث، وان الجيل الجديد ليس له إلمام بالأحداث التاريخية التي أعطت مسارا”، مبرزا أهمية التسلسل السردي وكيفية ترتيب الشذرات حتى تصب رواية.

وفي جانب اخر تحدث شرايبي عن العلاقات الاجتماعية، التي أصبحت تميز المجتمع المغربي، لافتا إلى وجود تطور سيكولوجي ومجتمعي مقلق، مغلفا بنوع من الأنانية، حيث لكل مرحلة حالة اجتماعية معنية وهي غير متعمدة.

تلك اذن كانت بعض ارهاصات ونقاشات فقرة منتصف الليل، التي استضافت المخرج سعد الشرايبي، لقاء جمع العديد من عشاق السينما، فكان اللقاء تلقائيا وحميميا، وفعالا، تبادلوا خلاله الحديث، والأسئلة حول الكتاب وتجربته السينمائية بشكل عام.

كما لامس اللقاء، محتوى المؤلف، بما تضمنه من أحداث ووقائع، لأزيد من ستين سنة، عاشها البطل سواء على المستوى الشخصي او المهني والسينمائي، في اطار حوار ممتع، اثمر أسئلة مفيدة، أجاب عنها الشرايبي بصدر رحب، في ظل مواصلة هذه التجربة، للقاء والنقاش حول الإبداع والسينما في مهرجان الدولي للسينما الإفريقية.

كان هذا السمر الليلي، ممتعا للغاية بحس شاعري جميل، يفتح أفاقا واسعة لتعزيز مزيد من الدينامكية الفنية والثقافية والأدبية، وإبراز قدرات المبدعين المغاربة، الفنية والأدبية، وتقاسم تجاربهم، مع ضيوف وجمهور المهرجان، مهما كان الطقس باردا والنوم، يدغدغ عيون الحالمين بالسينما.

Related posts